أخبار الآن | موسكو – روسيا (محمود طه)
في الرابع من شهر يوليو عام ٢٠١٤، احتبست أنفاس الجماهير البرازيلية في ملعب كاستيلاو بمدينة فورتاليزا بعد أن تلقى نجمهم الشاب نيمار وكزة بالركبة في ظهره من خوان زونيغا لاعب المنتخب الكولومبي أثناء صراع بينهما على الكرة.
الوكزة أسقطت اللاعب البرازيلي أرضاً وخرج من الملعب محمولاً على نقالة وهو يبكي من فرط الألم، ليغيب عن موقعة الدور نصف النهائي والتي شهدت هزيمة تاريخية للسيلساو بسباعية أمام ألمانيا.
ومنذ ذلك التاريخ تغيرت معالم كرة القدم في عيون الجماهير البرازيلية، وأصبح التحسس هو المبدأ الأول لها في كل ما يتعلق بسقوط نيمار المتكرر على أرض الملعب أمام جميع الخصوم وتحت أي ظرف.
وقتها خرج المدير الفني لمنتخب البرازيل لويس سكولاري ليؤكد أن نيمار كان مستهدفاً في جميع مباريات الفريق، وتكررت محاولات اصطياده في كل اللقاءات التي خاضها.
وفي المونديال الحالي تكررت القصة مع بعض الإضافات، فجميع مواقع الاحصائيات تؤكد أن نيمار هو أكثر اللاعبين تعرضاً للعرقلة أثناء المراوغات في المونديال، وهو أكثر من سقط وأدعى الإصابة من بين اللاعبين في جميع المنتخبات المشاركة.
والحقيقة أن تمثيل نيمار المتكرر قد صار واحدة من أهم خصاله كلاعب، فمن النادر أن تمر مبارة له إلا وتجد هذا المشهد وهو يُلقي بنفسه أرضاً ثم يتبع ذلك بسلسلة من التلوي على البساط الأخضر مع رسم الكثير من ملامح الألم المبالغ فيه على وجهه، وإن كانت تلك الإصابات حقيقية فلم يتوصل العلم بعد لسر نهوضه واستكمال المباراة بشكل طبيعي بعد كل هذا الصراخ.
ولكن يبقى مشهده في مباراة كولومبيا حاضراً في أذهان الجميع، وأشد ما يخشى الجمهور البرازيلي ألا تسلم الجرة في إحدى المرات وتكون الإصابة حقيقية، ومع إعمال قانون الربط بين الأحداث في العقل الباطن يتضح حجم الألم الذي يعيشه الجمهور وهو يستحضر في ذاكرته الهزيمة السباعية.
قد يبدو هذا المونديال مختلفاً للمنتخب البرازيلي عن سابقيه، فهو يمتلك ترسانة من اللاعبين في كل المراكز لدرجة تواجد لاعبين بحجم فيرمينيو ودوغلاس كوستا على دكة البدلاء، ولكن وفرة النجوم والمواهب هي إحدى العادات البرازيلية الكروية الأصيلة، الفارق هنا يكمن في واقعية مدرب يعرف جيدا كيف يدافع عندما يحتاج فريقه إلى الدفاع، ويبرع في استنزاف المخزون البدني لمنافسيه، ويُبدع في توزيع الجهد واستغلال الفرص التي تسنح له على مدار ٩٠ دقيقة.
ومع خروج أكبر قطبين للمنافسات الفردية في السنوات الأخيرة من عمر كرة القدم عن المونديال، أصبحت الساحة شبه خالية أمام نيمار، ليثبت جدارته، التي طالما ناضل من أجل إثباتها، بأن يكون نجم الشباك الأول بعيدا عن الظل، ويحجز مكانه بين الثنائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، ويقتنص الكرة الذهبية التي صارت فجآة هي أكبر الأهداف الموسمية لدرجة أن أصبحت بطولة بحجم كأس العالم هي مجرد خطوة على طريق معانقة حلم الكرة الذهبية في مغالطة كارثية للواقع.
ولكن لتحقيق ذلك لن يكون إدعاء الإصابة هو الخيار الأمثل، ولن تشفع لك الفردية في لعبة جماعية بقدر ما تخدمك روح الفريق في تحقيق الهدف الأهم.
الإجابة على هذا السؤال الدائر تكمن في عقلية نيمار وقدرته على النضوج ولو مؤقتا في فترة حاسمة من عمر المونديال، بإمكانه تصحيح المسار والتخلي عن مداعبة الحكام والكاميرات بمشاهد سقوطه المكررة، أو الإصرار على نفس النهج والرقص حافي القدمين على فوهة بركان ستثور حممه في وجهه بمجرد الفشل في التتويج هذه المرة أيضاً.
اقرأ ايضا: