أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (وكالات)
ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء اجتماعا لمجلس الوزراء خصص لكاتدرائية نوتردام التي وعد بترميمها خلال خمس سنوات، على أن تقرع الكنائس في البلاد أجراسها عند الساعة 18,50 بعد 48 ساعة من كارثة أذهلت العالم.
وخصص مجلس الوزراء كل اجتماعه لحريق الكاتدرائية وتحديات ترميمها.
وبعد الاجتماع، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب أن مسابقة دولية لهندسة العمارة ستطلق لإعادة أعمار برج الكاتدرائية الذي دمره الحريق الإثنين الماضي.
وقال إن ذلك “سيسمح بحسم قضية ما إذا كان يجب بناء برج مطابق” لذاك الذي دمر، أو “برج جديد يتلاءم مع تقنيات ورهانات عصرنا”.
وستدرج هذه المسابقة في إطار مشروع قانون نوتردام الذي يمنح إطارا قانونيا للمساهمة الوطنية في عملية إعادة البناء وينص على خفض كبير في الضرائب.
وأمام هذا العمل الهائل، أعلنت مساهمات كبيرة من قبل أطراف عديدين، من مجموعة آبل إلى البنك المركزي الأوروبي مرورا بآلاف المتبرعين الذين لم تعرف أسماؤهم. وبلغت التبرعات حتى الآن 800 مليون يورو.
ووعدت عائلة بينو بتقديم مئة مليون يورو، ومجموعة “ال في ام اش” وعائلة ارنو التي تملك أكبر ثروة في فرنسا، مئتي مليون يورو ومثلها عائلة بتانكور مييرز ومجموعة لوريال. وقدمت مجموعة توتال النفطية مئة مليون أخرى.
أما بلدية باريس فقد أفرجت عن خمسين مليون يورو واستقبلت العديد من القطع الفنية التي تم إنقاذها من الحريق. وتنوي رئيسة البلدية آن هيدالغو الدعوة إلى “مؤتمر دولي كبير للمانحين”.
وأثار تدفق هذه التبرعات في فترة قياسية انتقادات من قبل مسؤولين وسياسيين ونقابيين وحتى “السترات الصفراء”.
– الحجارة القديمة والناس –
دانت انغريد لوفافاسور التي كانت في الماضي من محتجي “السترات الصفراء” الأربعاء “لا مبالاة” المجموعات الكبرى ب”البؤس الاجتماعي”، بينما دعت مانون أوبري التي تترأس لائحة اليسار الراديكالي للانتخابات الأوروبية الشركات إلى “دفع ضرائبها بدلا من تقديم تبرعات معفية من الضرائب بنسبة ستين بالمئة وسط ضجة إعلامية”.
من جهته، قال الأمين العام للاتحاد العمالي العام إحدى أبرز النقابات الفرنسية، فيليب مارتينيز “إذا كانوا قادرين على منح عشرات الملايين (من اليورو) لترميم كاتدرائية نوتردام، فليكفّوا عن القول لنا إن ليس هناك مال لمعالجة الحالة الاجتماعية الطارئة”.
لكن المسؤول عن التراث في الرئاسة الفرنسية ستيفان بيرن قال إن “الربط بين الحجارة القديمة والناس أمر سخيف إذ إنه من هذه الحجارة يتغذى الناس” بسنوات العمل التي تؤمنها الورشة “للنحاتين والنجارين” الذين سيعملون فيها.
ومن الأبواب المفتوحة للكاتدرائية يظهر مشهد دمار. فمع انهيار السقف وهيكله الخشبي والبرج، غطت قطع متفحمة من الحطام أرض الكاتدرائية. أما البرجان المعروفان لواجهتها الغربية، فقد بقي سالمين، وعثر على الديك الذي كان يعلو البرج المنهار.
وقال سكرتير الدولة الفرنسي للداخلية لوران نونييز إن إنقاذ المبنى الذي يبلغ عمره 800 سنة تم “بفارق ربع ساعة او نصف ساعة”. وأضاف “بشكل عام البنية صامدة” لكن رصدت “نقاط ضعف خصوصا عند القبة”.
– أسبوع مبارك –
أكد النائب العام لباريس ريمي هيتس أن التحقيق الذي بدأ بينما كانت النيران ما زالت مشتعلة، يتجه إلى فرضية “الحادث العرضي”.
وأوضحت النيابة العامة إنه تم الاستماع لإفادات نحو ثلاثين شاهدا، من عمال كانوا موجودين الإثنين وموظفين مكلفين أمن الموقع، وسيتم استجواب آخرين الأربعاء.
وصرح وزير الداخلية الفرنسية “لدينا اليوم حوالى خمسين محققا يعملون وسندرس كل شيء وسنكشف الحقيقة”.
من جهته، أكد جوليان لوبرا رئيس مجموعة “أوروبا إشافوداج” إحدى الشركات التي كانت موجودة في المكان، أن كل إجراءات السلامة “احترمت”.
وتجمع مئات الأشخاص تحت تمثال سان ميشال في باريس مساء الثلاثاء. وقالت ماتيلد (27 عاما) الكاثوليكية المؤمنة “كان من المهم بالنسبة لي أن نجتمع وكنت أحتاج إلى القدوم إلى هذا المكان، الأمر شكل صدمة لي (…) نحتاج إلى الصلاة مع إخوتنا وأخواتنا”.
وفي إطار التعاطف الذي أثارته الحادثة في العالم، قرعت كنائس انكلترا أجراسها مساء الثلاثاء، بينما ستقرع أجراس الكاتدرائيات الفرنسية عند الساعة 18,50 من الأربعاء “ساعة بدء الحريق” كما قال مجمع أساقفة فرنسا.
وعبر عدد من رؤساء الدول عن تضامنهم مع فرنسا. فقد عبر الرئيس الأميركي دونارد ترامب عن “تعازيه” لنظيره الفرنسي بينما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن “كنز لا يقدر بثمن للثقافة الأوروبية”. من جهته، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أنه يشعر “بحزن عميق”.
وتم إنقاذ عدد من الأعمال الفنية المحفوظة في الكاتدرائية، لكن بعضها تعذر نقله وما زال يخضع لمراقبة رجال الإطفاء.
في عام 2017 زار نحو 12 مليون سائح كاتدرائية نوتردام التي تعد تحفة معمارية للفن القوطي وتجري فيها أشغال منذ سنوات. والكاتدرائية مدرجة على لائحة التراث العالمي منذ 1991. وقد اكتسبت شهرة كبيرة بفضل رواية فيكتور هوغو “أحدب نوتردام” (نوتردام دو باري) التي تم اقتباسها مرارا في السينما والعروض المسرحية الغنائية.
وشكر البابا فرنسيس الأربعاء نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، رجال الإطفاء الذين خاطروا بحياتهم لإنقاذ كاتدرائية نوتردام. وكان الحبر الأعظم قد أجرى بعد ظهر الثلاثاء اتصالا هاتفيا بماكرون، ودعا إلى “حشد جهود الجميع” لإعادة بناء الكاتدرائية.
المزيد: