طرح البرلمان في إيران مشروع قانون من شأنه “وقف عمليات التفتيش التي تقوم بها الأمم المتحدة لمنشآت إيران النووية، كما يطالب الحكومة بتكثيف عمليات تخصيب اليورانيوم”، وذلك في خطوة تمثلاً تحيداً للمجتمع الدولي في ما يخص برنامجها النووي.

وينصّ مشروع القانون على الإقدام على تلك الخطوات المزعزعة لأمن المنطقة، في حال رفضت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015، تخفيف العقوبات المفروضة على قطاعي النفط والمصارف الإيرانية.

وأبدت الحكومة الإيرانية معارضتها لمبادرة برلمانية تطالبها بوقف تنفيذ التزامات أبرزها السماح للمفتشين الدوليين بتفقّد منشآت نووية، في أعقاب اغتيال العالم محسن فخري زاده.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحافي: “أعلنت الحكومة بوضوح أنّها غير موافقة على هذه الخطة”، مضيفاً أنّه من وجهة نظر الحكومة في إيران، “هذه الخطة غير ضرورية وغير مفيدة”.

وإنطلاقاً من رغبته في تحقيق “أهداف فخري زاده“، وافق مجلس الشورى الذي يحظى المحافظون بغالبية كبيرة فيه، الثلاثاء على الخطوط العريضة لمشروع “المبادرة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات”.

ويدعو مشروع القانون الذي يتطلب خطوات عدّة ليصبح قانوناً نهائياً، الحكومة ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية إلى “وقف” زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، و”إنتاج وتخزين 120 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة سنوياً” لصالح “الحاجات السلمية للصناعة الوطنية”.

ويناقض هذان الطلبان التزامات تعهدت إيران باحترامها بموجب الإتفاق حول برنامجها النووي، والذي أبرم مع القوى الكبرى في العام 2015 بعد مفاوضات شاقة لأعوام. وتمّ التوصل الى الاتفاق بعد عامين من انتخاب الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني.

“أحد لن يربح”

وأتاح الإتفاق الذي وقع بين إيران من جهة، وكلّ من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا من جهة أخرى، رفع العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على طهران، مقابل ضمانات تسمح للمجتمع الدولي بالتأكّد من سلمية برنامجها النووي.

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب بلاده أحادياً من الإتفاق عام 2018، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران. وبعد نحو عام من هذا الإنسحاب، تراجعت طهران تدريجياً عن العديد من الإلتزامات الأساسية بموجب الاتفاق المبرم في فيينا.

وبحسب آخر تقرير معلن نشرته في نوفمبر، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنّ إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى من الحد الأقصى المسموح به بموجب الاتفاق (3,67 بالمئة)، لكنّها لم تتجاوز نسبة 4,5 بالمئة، ولا تزال ملتزمة بأنظمة التفتيش الصارمة التي تعتمدها الوكالة الدولية.

وأعاد اغتيال فخري زاده، أحد أبرز علماء الجمهورية الإسلامية، الذي اتهمت إيران إسرائيل بالوقوف خلفه، فتح باب النقاش الداخلي بشأن الالتزامات النووية، لا سيما من قبل نواب في مجلس الشورى الذي هيمن المحافظون عليه بعد انتخابات فبراير.

واعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي في حوار مع وكالة فرانس برس في فيينا، أنّ أيّ طرف لن يربح بحال تعليق تنفيذ الالتزامات النووية. وقال: “نتفهم الحزن، ولكن في الوقت نفسه من الواضح أنّ أحداً لن يربح من تقليص العمل الذي نقوم به معاً أو الحد منه أو وقفه”، مضيفاً: “من جهتنا، نواصل عملنا ونأمل أن يكون الأمر على هذا النحو من جانبهم وكما قلت، لم أتلقَ أيَّ إشارة إلى أنّ الأمر سيكون مختلفاً”.

ويمكن لوقف عمل المفتشين في إيران ورفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمئة، وهو ما كان عليه قبل إبرام اتفاق 2015، أن يؤدي إلى رفع الملف النووي الإيراني إلى طاولة مجلس الأمن الذي كان أصدر قبل خمسة أعوام القرار 2231، واضعاً بموجبه الإطار القانوني لاتفاق فيينا المعروف رسمياً باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”.

وفي مؤتمر صحافي آخر الثلاثاء، عكس المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، موقفاً مشابهاً لما أبداه خطيب زاده حيال مبادرة مجلس الشورى. ورأى أنّ هذه الخطوة “لن تساعد في رفع العقوبات”.

وجدّد المتحدث الحكومي التأكيد أنّ “مسألة الإتفاق النووي والبرنامج النووي تعود للمجلس الأعلى للأمن القومي، ولا يمكن لأيّ مؤسسة أخرى” التقرير فيها، وأنّ قرارات الأخير تصبح تنفيذية “بعد موافقة المرشد الإيراني علي خامنئي.