“أنا مش عيّل صغيّر عند أيمن الضواهري، ده أنا أستاذه”…
منذ بداية نشأة تنظيم القاعدة والخلافات تنخر تركيبته، فعدم التجانس بين أعضائه كان واضحاً دائماً. لطالما كانت أسرار التنظيم تشكّل عامل جذب بالنسبة للكثيرين، نظراً لوجود الكثير من الخبايا والخفايا في مراحله المختلفة.
محمد عبدالرحيم الشرقاوي، يحمل الكثير من أسرار التنظيم، سجن سبعة عشر عاماً بعدما تمّ جلبه من باكستان إلى مصر، وهو كان سجن أربع سنوات قبل ذهابه إلى باكستان، حيث التقى أيمن الظواهري مرّات عديدة.
الصحافية الاستقصائية منّة عبد الرازق، التقت أبو عبدالرحمن الالكترونى، كما يلقب، في منزله في الفيوم، وهو يعتبر أحد مؤسّسي تنظيم الجهاد فى ستينيات القرن الماضي، كما كتب عنه، ولو أنه نفى ذلك.
منذ بداياته، كان الشرقاوي يريد أن يدخل كلية الهندسة – القسم النووي، لصناعة قنبلة ذرية كما يقول، في تلك الفترة، وآنذاك كان مقرّباً من أيمن الظواهري الذي دخل في تلك الفترة كلية الطب، فيما صديقه عصام القمري كان يريد دخول الجيش المصري في نيّة منه “للقيام بشيء ما”، وقد حصل أن تمرّد عل أوامر القيادة في سيناء، في العام 1973.
الشرقاوي إلى الهندسة والظواهري إلى الطب والقمري إلى الجيش
يقول الشرقاوي الذي كان انخرط في جماعة أنصار السنة” عندما كان في القاهرة، لـ”أخبار الآن“، إنّه كان قرّر الدخول إلى كلية الهندسة في الإسكندرية – القسم النووي، (بدافع أنّه يريد صناعة قنبلة ذرية…)، وفي تلك الفترة أيضاً كان أيمن الظواهري دخل كلية الطب وكذلك سيد إمام، مشيراً إلى أنّه انقطع عنه خلال فترة تواجده في الإسكندرية، فيما صديقه عصام القمري نجح في الإنخراط في الجيش المصري. ويشير الشرقاوي إلى أنّ سيّد إمام كان الأكثر تطرفاً بينهم، إذ كان يريد أن يتعامل مع إيران عندما كانوا في أفغانستان، من أجل تأمين التمويل لـ تنظيم القاعدة.
في حرب العام 1973، خالف عصام القمري أوامر قيادته، وكان آنذاك قائد كتيبة في سيناء، فرفض الإنسحاب من هناك والخضوع لذلك القرار. في هذه الفترة كان الشرقاوي أقام مصنعاً صغيراً لقطع السيارات. ويضيف: “الذي حصل أنّ ذخيرة اختفت خلال فترة تولي القمري قيادة الكتيبة، فاتهم ببيعها إلى تنظيم الجهاد، فهرب من الجيش وأصبح مطارداً”.
حاول الشرقاوي تهريب القمري إلى خارج مصر من خلال الإستحصال له على جواز سفر أو تأشيرة لكنّه فشل بذلك، فاختبأ القمري عنده، وكان تعرّف على سالم الرحال الذي عرفه على نبيل نعيم في تلك الفترة. يسرد الشرقاوي لـ”أخبار الآن” أنّ “الحكومة المصرية بدأت تضيّق الخناق عليهما، وقد تمّ توقيف نبيل نعيم الذي عرف بتواجد عصام القمر لديّ، فأرشدهم إلى مكانه تواجده، لكن عندما حضرت القوى الأمنية للقبض عليه، واجههم فرمى على العناصر قنبلة وهرب، ليتمّ القبض عليّ، وسجنت لأربع سنوات”.
خلافه مع الظواهري
دائماً ما كانت الخلافات تبرز في كلّ محطة، حتى أنّ الجهاد اختلفوا بشأنه وعلى كيفية إدارته، ودائماً ما كان يثار النفور بين الأعضاء. وهنا كان الخلاف مع ايمن الظواهري. يقول الشرقاوي إنّه تعرف في باكستان على عدد من الأشخاص، وتزوّج من أخت زوجة أحدهم… وهناك قابلت الظواهري مرات عديدة، وتحدّثنا مع بعضنا البعض، وهو كان ذهب إلى باكستان قبلي وكان يعمل في الجهاد، يأتي بالناس من مصر إلى باكستان ويدرّبهم في المعسكر هناك، وطبعاً كان يعمل مع أسامة بن لادن، وكانا يجلبان الأشخاص ليتم تدريبهم من أجل تنفيد عمليات في أفغانستان.
ماذا طلب منه الظواهري؟
جلساته مع أيمن الظواهري (بقي في باكستان من العام 1987 وحى 1994) كان فيها دائماً أخذ ورد، فالرجلان من نفس الجيل، وكلاهما يعتبر نفسه متقدماً على الآخر.. وردّاً عمّا إذا كان طلب منه دعم القاعدة، قال الشرقاوي لـ”أخبار الآن“: “أيمن الظواهري ما يقدرش يطلب مني أنضم للتنظيم، دا أنا استاذه”! ويشير إلى أنه قابله مرات عديدة إلى أن حصل خلاف، قائلاً إنّ “السيد إمام كان يريد التواصل بإيران، وهم اليوم يتواجدون في إيران“.
إبنه عصام.. من القاعدة إلى طالبان فداعش ليقتل في الرقة!
نار هذه التنظيمات جعلت الشرقاوي يعاني الأمرّين وأدّت إلى تهالكه.. الأمر لم يتوقف عنده فقط، بل امتد إلى أفراد عائلته.. فابنه عصام الذي ولد من زوجته الثانية الباكستانية، انتهى به المطاف بأنّ أحرقته نار التنظيمات ودفعت به إلى الهلاك أيضاً. فما حكايته؟ زوجة الشرقاوي في باكستان قرّرت الإبتعاد والعودة إلى أهلها بسبب خلافات مالية وغيرها، ولاحقاً تزوجت، فقرر ابنه عصام أن يقتل أمّه كونها تزوجت بينما هي على ذمة أبيه، وهنا بدأت حكاية عصام في أفغانستان حيث انضم للقاعدة وطاليان، لينتهي به الأمر في سوريا.
يقول الشرقاوي: “تركت زوجتي الباكستانية المنزل وعادت إلى منزل أهلها بسبب خلاف على الأموال وأمور أخرى\ فتركت الأولاد وتزوجت رغم أنّ القانون في باكستان يقول آنذاك، إن التي تتزوج وهي على ذمة رجل آخ، ترجم أو يتم إعدامها وتعتبر زانية… إبني عصام كان بلغ حينها سنّ الـ12 عاماً، فذهب لتأمين سلاح كي يقتل أمّه، تلقفته جماعة طالبان فانخرط فيها ولاحقاً تزوج في أفغانستان من إمرأة أفغانية”، فيما تتحدث المعلومات أنّه في مرحلة ما كان انتمى أيضاً إلى تنظيم القاعدة.
يتابع الشرقاوي حديثه لـ”أخبار الآن“: “بعد فترة أنجب عصام أولاداً، وكنت أتواصل معه عبر وسطاء للعودة مع أولاده إلى مصر، وفي تلك الفترة كان برز تنظيم داعش، وقد حصل انقسام في طالبان، فقرر اللحاق بتنظيم داعش. وقد عرفت لاحقاً أنّه أصبح في سوريا، واصطحب معه زوجته الأفغانية التي كانت تنتمي لحركة طالبان وأطفاله. لكنّ داعش ارتاب منه كونه إبني، وهناك تعرّض لتحقيقات من قيادات داعش، التي كانت تشكك فيه وفي ولائه. إلّا أنّه بعد شهور طويلة، تمكّن من إقناع قيادات التنظيم بولائه وقدرته على القتال، فتم تعيينه قائداً لإحدى كتائبهم، ليقتل في إحدى المواجهات هناك. ويخلص الشرقاوي إلى القول: “إنّنا نُخدع في أننا نقاتل في سبيل الله، والأمر ليس كذلك”…
حفيدته بيد داعش
يوضح الشرقاوي أنّ زوجة إبنه عصام ظلت ومعها أطفالهما في مخيم الهول – سوريا، حتى قتلت هي الأخرى برصاص قناصة، مشيراً إلى أنّ طفلين من أطفاله قتلا في غارة على المخيم، بينما تبقى إثنان، طفل قالوا له إنه قتل، وطفلة تدعى عائشة، وتبلغ من العمر ست سنوات تقريباً.. تتواصل مع جدّها عبر الواتساب طالبة العودة، لكنّ قيادات داعش ترفض ذلك، بغية الحصول على المال مقابل تسليم الفتيات، أو الإتجار فيهن للحصول على أموال.
قصة هذه الطفلة تكشف عن ظاهرة وجود أطفال أيتام لدى تنظيم داعش الإرهابي، وهو يسعىى للحصول على المال مقابل إعادتهم لذويهم أو ضمّهم للتنظيم في المستقبل. موضوع نفتحه لاحقاً للبحث في تفاصيله وخباياه.
يتبع…