فيلم Interstellar من إخراج كريستوفر نولان، هزّ العالم بطريقة غير متوقعة. إذ قاد العلماء أة إلى اكتشاف علمي جديد عن طبيعة الثقوب السوداء.
اختار نولان مخرج الفيلم، عالم الفيزياء الفلكية الشهير (كيب ثورن) ليعمل مع فريق المؤثرات الخاصّة بالفيلم، وذلك لإنتاج أكثر شكل واقعي للثقب الأسود على شاشات السينما. بدأ ثورن بإرسال المعادلات والتي قام فريق المؤثرات بإضافتها إلى برنامجهم.
ثورن، الذي عمل من قبل مع كارل ساجان على فيلم الفضاء Contact عام 1997، لم يفكر في الثقوب السوداء إلّا نظريًا. لم يعلم أيّ شخص كيف ستبدو حقًا.
ما أخرجته الحواسيب بعد ساعات من تشكيل الصورة من البيانات، 800 تيرابايت، كان مذهلا. يتضّح أن الثقب الأسود لا يبدو في الواقع كما يُعتقد من اسمه.
“لقد وجدنا أنّ لوي المكان حول الثقب الأسود يقوم أيضًا بلوي القرص المزود (accretion disc)،” قال بول فرانكلين، المدير المسؤول عن المؤثرات الخاصة، “فبدلا من أن تبدو كقرص زحل حول كرة سوداء، يقوم الضوء بعمل هذه الهالة الرائعة.”
أدرك ثورن على الفور أن النموذج الذي ولّده فريق نولان هو الأدق علميًا. هذا ليس تصوّرًا فنيًا، هكذا تبدو الثقوب السوداء فعلا. “هذه هي بياناتنا المُلاحظة،” شرح ثورن. “هكذا تتصرّف الطبيعة. نقطة.” يقول العلماء بأنه يمكن له نشر على الأقل ورقتين بحثيتين بناءً على هذا الكشف.
فيلم فيزيائي بامتياز
مفاهيم علمية حقيقية مثل النجوم النيوترونية، وحركة دوران الثقوب السوداء فى الفضاء، وتمدد الزمن، لابد أن تكون على درايه حتى ولو طفيفة بهذه المفاهيم قبل مشاهدة الفيلم. حتى لا ينتهى بك الأمر إلى الشعور بعدم الإدراك خلال متابعتك له.
تدور أحداث الفيلم حول فريق من المستكشفين يقومون برحلة من خلال "ثقب دودى"، يخترق الزمان فى الفضاء وينقلهم إلى جانب آخر من النظام الشمسى بواسطة حركة دوران ثقب أسود للشمس. ومن الضرورى أن يسابقوا الزمن والفضاء لاكمال مهمتهم، وبالرغم أن هذه الرحلة الفضائية تتسم بالعديد من الغرابة لكنها تعتمد على بعض مبادئ الفيزياء الأساسية، وفقا لموقع "بزنس انسايدر" الأمريكى، وإذا فهمت هذه المبادئ، سوف تستغرق وقتا أقل فى التخمين والمزيد من الوقت فى الاستمتاع بالفيلم.
سفينة الفضاء فى الفيلم
هناك مشكلة كبيرة تواجهنا نحن البشر عند السفر إلى الفضاء على مدى طويل وهى انعدام الجاذبية فى الفضاء.. لقد ولدنا على الأرض، وبالتالى فقد تكيفت أجسامنا للعمل تحت ظروف معينة لجاذبية، ولكن عندما نكون فى الفضاء لفترة طويلة من الزمن تصاب عضلاتنا بنوع من التحلل، وهذه مشكلة واجهها طاقم المستكشفين فى الفيلم أيضا.
وللتغلب هذه المشكلة ابتكر العلماء تصميمات مختلفة لخلق جاذبية اصطناعية فى سفن الفضاء ويعتبر واحد من هذه السبل هو تدوير المركبة الفضائية "مثل ما حدث فى الفيلم" دوران يخلق قوة وتسمى قوة الطرد المركزى، الذى يدفع الكائنات إلى الجدران الخارجية للمركبة فضائية، وهذا يخلق تأثيرا مماثلا تماما للجاذبية، ولكن فقط فى الاتجاه المعاكس.
حركة دوران الثقوب السوداء " Spinning Black Holes"
دوران الثقب الأسود فى Interstellar. فى مركز كل ثقب أسود يندمج نجم هائل الضخامة يسمى نجم نيتروني، وقد اكتشف علماء الفلك أن بعض النجوم النيترونية تدور بمعدل آلاف المرات فى الثانية الواحدة، وينتج دوران تلك النجوم النيترونية دوران هائل للثقوب السوداء، وهذا الشىء الذى أثبته علماء الفلك، ما تحتاج معرفته حول دوران الثقوب السوداء هى أنها تتسبب فى دوران الفضاء من حولهم بشكل مختلف عن الثقوب السوداء الثابتة.
الثقوب الدودية " Wormholes"
الثقب الدودى فى الفيلم تعد الظاهرة الفيزيائية الوحيدة فى الفيلم التى ليس لديها أى أدلة للإثبات على وجودها ولكن استخدمها صناع الفيلم بشكل خيال علمى، وهى تتطلع إلى اجتياز المسافات الكونية. من خلال ثقب مماثل للثقوب السوداء لكنه يخلق معبر مختصرا يدمج فيه الفضاء والزمن ليربط بين الاثنين. ويرجع هذا المسمى لنظرية "جسر اينشتاين روزين " التى وضعها "ألبرت أينشتاين" وزميله "ناثان روزن" فى عام 1935. الإبطاء الزمنى بسبب الجاذبية " Gravitational time dilation"
واقع خماسى الأبعاد " Five-Dimensional Reality"
قضى ألبرت أينشتاين السنوات الـ30 الأخيرة من حياته فى العمل على ما يسميه علماء الفيزياء "نظرية الحقل الموحد"، التى من شأنها أن تجمع بين مفهوم حسابات الجاذبية مع القوى الثلاثة الأساسية الأخرى من الطبيعة: القوة النووية القوية، القوة لنووية الضعيفة، والقوة الكهرومغناطيسية.. لكنه فشل فى العثور على واحد، وكذلك فشل عدد لا يحصى من علماء الفيزياء منذ أينشتاين، وذلك بسبب أن الجاذبية ترفض فى التعاون لكن بعض علماء الفيزياء يعتقدون أن هناك طريقة واحدة لحل هذا اللغز عن طريقة تهيئة الكون، كما لو أنه يعمل على خمسة أبعاد بدلا من رباعى الأباعد، الذى وصل إليه "اينشتاين" فى نظرية النسبية وهى عبار عن فضاء ثلاثى الأبعاد وبعد واحد من المكان المعروف باسم "الزمكان".
كل هذه النظريات والحقائق لعب بها "كريستوفر نولان" فى أسطورته الجديدة لخلق عالم موازى للمشاهد خلال متابعة الفيلم وليطرح فى أذهان المشاهدين عالم من التساؤلات حول مدى حقيقة هذا العالم.