أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (وكالات)
المكتبات الورقية، والأقراص الصلبة والليزرية، كلها في النهاية تضمحل وتتحلل، فما البديل لحفظ مخزون الإبداع البشري لمدة طويلة جداً؟
هذا ما كان يشغل الباحثين في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، حيث أوجدوا طريقة لتخزين المعطيات على الـ DNA (الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين DNA ( أي بنفس الطريقة التي تتخزن فيها المعلومات الوراثية في جميع الكائنات الحية، وبذلك قد تبقى هذه المعطيات سليمة لمئات السنين.
قدرة تخزين جرام واحد من الـ DNA قد تصل إلى حوالي 455 إكسابايات من المعطيات، الإكسابايت بالطبع هو بليون(مليار) جيجابايت، و100 إكسابايت هي الزيتابايت.
في عام 2011 قدرت شركة الحوسبة السحابية EMC أن البشرية قد رفعت حوالي 1.8 زيتابايت من المعطيات، أي أننا نحتاج فقط لأربعة جرامات من الـ DNAلحفظ كل المعلومات من زمن أرسطو وسقراط مروراً بأعمال شكسبير الكاملة حتى الوصول لآخر الألبومات الموسيقية الجديدة، إضافة لكل الصور المرفعة على إنستغرام!
يتألف الـ DNA من عدة أسس من الجزيئات المسماة نوكليوتيدات، وهي 4 أسس، السيتوزين، الغوانين، الأدنين والثايمين، يتزاوج كل من الأدنين والسيتوزين معاً، والغوانين مع الثايمين، يتزاوج كل ثنائي منها للترميز للمعلومات الجينية والبروتينات. لنقل هذا الترميز إلى شكل معلومات، قام العلماء ببرمجة الثنائيات إلى أرقام 1 وأصفار فالتزاوج (أدنين-سيتوزين) يساوي الصفر، أما الغوانين-ثايمين يساوي القيمة 1، وهي نفس اللغة الثنائية التي ترمّز للمعطيات الرقمية.
هذا المفهوم ليس جديداً بالنسبة للعلم، فقد قام علماء في هارفارد في 2012 بترميز كتاب كامل على الـ DNA، لكن حتى الآن كان استخراج المعلومات المخزنة على الـ DNA صعبًا جدًا.
أظهرت الاختبارات السابقة لهذة التقنية فشلاً في استرجاع المعلومات بشكل كامل ووجود فراغات تظهر أثناء عملية الاسترجاع ، حيث يتحلل الـ DNA في المحيط الخارجي وفي ذات درجة حرارة الغرفة العادية. لهذه المعضلة وجد روبرت غراس الحل..
روبرت هو المدير لمشروع في المعهد الفيدرالي، الحل هو التعامل مع المعلومات كالأحافير الحجرية. قام فريق روبرت بتغليف عينة الـ DNA في قشرة مصنوعة من السيلكا، والتي تشابه تركيب عظام الأحافير وهي أحد أهم عناصر الزجاج، وقاموا بحفظ العينات في درجة حرارة60 سيلسيوس لعدة أسابيع قبل اختبار متانتها.
عندما قام الباحثون بفحص العينة، استطاعوا قراءة المعلومات المرمزة، وتوصلوا إلى أن بقاء الـ DNA في درجة تحت الصفر يمكنها من البقاء صالحة للقراءة لمدة تزيد على مليون عام. تملك الأقراص الليزرية CD DVD عمراً يقدّر ب25 سنة فقط، بهذه الطريقة يمكننا تحسين طرق التخزين الحالية.
في الوقت الحالي مازالت هذه الطريقة باهظة الثمن، العينة التي قام المعهد بصنعها حملت 83 كيلوبايت من المعطيات فقط، وكلفت حوالي 1500 دولار، هذا يعني أن الاحتفاظ بويكبديا يكلف ثروة باهظة الآن، لكن مع تقدم التكنولوجيا سينخفض الثمن اللازم لتخزين المعلومات على الـ DNA، وربما في المستقبل البعيد سيقوم أحفادنا بمشاهدة أعظم إنجازات البشرية بواسطة الـ DNA!