أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (مرصد المستقبل)
من لا يحب المثلجات؟ من المؤكد أن الطالب التنزاني إيراستو مبيمبا يحبها، وبسبب قلة صبره على تجميد مثلجاته المنزلية، قرر أن يضع خليط الحليب الذي كان بحرارة الغليان في الثلاجة، بدون أن ينتظره حتى يبرد. ويا للمفاجأة السارة! فقد تصلب خليط الحليب لديه أسرع مما لدى أصدقائه. وتسمى ظاهرة تجمد الماء "أو المثلجات" بشكل أسرع إذا كان شديد الحرارة، بأثر مبيمبا، نسبة إلى ذلك التلميذ، وقد تم نشر ورقة بحثية عنها من قبل بروفيسور في الفيزياء يعمل مع مبيمبا نفسه.
اقرأ أيضا: علماء: مادة الجرافين تعتبر أقوى وأخف مادة في العالم
على الرغم من أن كل هذا حدث في ستينيات القرن الماضي، فإن أثر مبيمبا نفسه لوحظ منذ قرون مضت. ومنذ أكثر من 2,000 عام، تساءل أرسطو طاليس عن سبب تجمد الماء الساخن بشكل أسرع من الماء البارد، كما لاحظ هذه الظاهرة كل من فرانسيس بيكون ورينيه ديكارت.
وبعد كل هذه السنوات، ما زال الفيزيائيون يتساءلون عن السبب الحقيقي لأثر مبيمبا. كيف يعمل بالضبط؟ وقد أُجريت بعض المحاولات في الماضي لإيجاد تفسير للمسألة، ولكن كان هذا صعباً، نظراً لاستحالة تكرار أثر مبيمبا بشكل مستمر ومضمون. وتم تقديم العديد من التفسيرات، خصوصاً بعد أن نظمت الجمعية الكيميائية الملكية مسابقة في 2012 للعلماء بهدف تفسير أثر مبيمبا. وبقيت كل هذه التفسيرات بدون إثبات قاطع.
السر يكمن في الرابطة
مؤخراً، قام فريق من العلماء من جامعة ساوثرن ميثوديست في دالاس، وجامعة نانجينج في الصين، بالعمل على تفسير أثر مبيمبا. ويشرح الباحثون كيف أن السر قد يكمن في الخصائص الغريبة التي تشكلها الروابط ما بين ذرات الهيدروجين والأوكسجين في جزيئات الماء، وذلك في ورقة بحثية قاموا بنشرها في Journal of Chemical Theory and Computation.
يقول ديتر كريمر من جامعة ساوثرن ميثوديست: "رأينا أن الروابط الهيدروجينية تتغير عند تسخين الماء". وعلى ما يبدو، تعتمد قوة الروابط الهيدروجينية على جزيئات الماء المجاورة. وفي عملية محاكاة للمياه الباردة، لاحظ العلماء وجود روابط هيدروجينية ضعيفة وقوية. ولكن في عملية محاكاة للمياه الأكثر سخونة، كانت معظم الروابط المتبقية من النوع القوي، ويعزو كريمر السبب إلى "تحطم أغلب الروابط الضعيفة" كما قال.
تشرح الدراسة كيف يؤدي هذا إلى تجمد أسرع للماء:
قادنا التحليل إلى تقديم تفسير جزيئي لأثر مبيمبا. في المياه الدافئة، يتم تحطيم الروابط الهيدروجينية الضعيفة ذات الأثر الكهربائي الساكن المسبق، ما ينتج تشكيلات من التجمعات المائية الصغيرة ذات الروابط الهيدروجينية القوية، ويؤدي إلى تسريع عملية التبلور الأولي "nucleation" وظهور الشبكة البلورية ذات الأشكال السداسية للجليد الصلب.
بالطبع، ما زالت النظرية بحاجة للمزيد من البراهين، خصوصاً أن دراسة أخرى من كلية لندن الإمبراطورية قالت إن أثر مبيمبا كان غائباً تماماً في التجارب. يقول هنري بوريدج، أحد الباحثين: "مهما فعلنا، لم نتمكن من ملاحظة أي شيء قريب من أثر مبيمبا".
إذاً، ما الذي يحدث حقاً؟ سيتطلب فهم الموضوع بعض الوقت، ولكن نأمل ألا يستغرق 2,000 سنة أخرى. وعلى أي حال، تمكّننا هذه الدراسات من فهم الماء بشكل أفضل، واستكشاف خواص غير معروفة من قبل للروابط بين الهيدروجين والأوكسجين. وربما قد نكتشف شيئاً أكثر غموضاً من أثر مبيمبا.
اقرأ أيضا:
تطبيق آربور إس بي إنسايت الجديد يتيح تحليلاً أعمق وأوسع نطاقاً للشبكات