سوريا.. والدة تحاول أن تتعايش مع الظروف القاسية التي فرضت على ابنتيها
- تعيش أم محمد في بلدة كفر روحين بسوريا مع ابنها وابنتيها الإثنتين، فاطمة ودعاء.
- يعانين الفتاتين من مرض هشاشة العظام منذ ولادتهنّ.
- تسبب المرض للفتيات بالعجز الجسدي لعدم قدرة والدتهنّ على علاجهنّ في سن مُبكّر.
لم تكن معاناة أم محمد وليدة لحظتها، وإنما رافقتها منذ ولادة ابنتيها اللواتي يتعرضتا لكسور متكررة في أطرافهما، ويتلقيا العلاج البدائي من خلال وضع قطعتين من الخشب حول الطرف المكسورة، محكمتان بقطعة قماشية لمدة من الزمن على أمل التعافي.
اضطرت أم محمد أن تتبع هذه الوسيلة لعلاج ابنتيها، ذلك لعدم قدرتها على عرضهما على طبيب أخصائي، لاسيما أن الكسور التي يتعرضتان لها بات أمراً روتينياً نتيجة هشاشة عظامهما، فوقوعهما من الكرسي يسبب لهما كسوراً في الأطراف.
لم تدخر أم محمد جهداً في رعاية ابنتيها وتقديم ما تحتاجان، إلا أن الظروف التي عاشتها باتت صعبة وأثقلت كاهلها في الوقت التي تعاني فيه من قلّة الدخل وتدني المستوى المعيشي، وأن ما تجنيه من عملها في الورشات الزراعية قرب بلدتها، لا يغطي أدنى احتياجاتها المنزلية، وفقاً لما صرحت به لمراسل تطبيق عيش الآن، “محمد العمر”.
“بلغت من العمر عتياً وباتت الحياة عبئاً علي”، هكذا وصفت أم محمد حالها الذي وصلت إليه بعد غياب زوجها عنها وأولادها.
وأضافت الوالدة “أصبحت المتطلبات زائدة، ولم أعد قادرة على تأمين أبسط المستلزمات،” موضحّة أنها تغادر منزلها صباحاً للعمل كي تجني بعضاً من الليرات التركية حتى تؤمن لقمة العيش لأولادها.
لا يتوقف الطموح عند متاعب الحياة لدى أم محمد، بل وكانت أماً مربية ومشجعّة لابنتيها في تحقيق ما تطمحان له، وصولاً إلى الهدف المراد به.
فاطمة، ذات الـ 21 عاماً، مثالاً على ذلك، فلم تمنعها إعاقتها من العودة إلى دراستها في المرحلة الإعدادية، بل وحصلت على شهادة التعليم الأساسي بكل عزم وإصرار.
وتقول فاطمة لتطبيق عيش الآن “إن أبرز الأمور التي واجهتني هي عدم قدرتي على الذهاب إلى المدرسة نتيجة إعاقة جسدي علاوة على أن الطريق وعرة وحاجتي إلى من يوصلني إليها، إضافة إلى عدم قدرة والدتي على دفع تكاليف الدروس الخصوصية فالوضع المادي لا يسمح بذلك”.
وأضافت “كان لأمي الفضل الأكبر في متابعة دراستي وصولاً إلى ما حققته اليوم، وحصلت على الكتب المدرسية من أحد المعلمين، وبدأت الدراسة”، موضحة أن تلقيها الدروس من الكتاب بمفردها كان أمراَ صعباَ، “فهو يحتاج إلى معلم أو معلمة لشرح المعلومات وتفسير بعضاً منها، إلا أن الإصرار في الإكمال والرضى بوضعي الصحي والمعيشي أوصلني إلى ما أطمح له على الرغم من العذاب الكبير الذي عانيته” تقول أم محمد، مؤكدة على أنها مستمرة في دراستها حتى أن تنال الشهادة الثانوية.
لم يتوقف النجاح في منزل أم محمد عند ابنتها فاطمة، بل كان نجاحها تحفيزياً لابنتها دعاء ذات الـ 18 ربيعاً في إكمال دراستها بعد انقطاع دام لعدّة سنوات.
تقول دعاء “كنت أشاهد أختي فاطمة وهي تدرس، لم أكن أتوقع أنها ستنجح، ولكن بعد أن حصلت على الشهادة الإعدادية تخطيت مرحلة الخوف من المناهج التي كانت تقف في وجه متابعتي للدراسة خصوصاً أنه أصبح بإمكان أختي أن تساعدني في تلقي الدروس”.
وأضافت “تمكنت وأختي من التسجيل في مبادرة تعليمية عبر الإنترنت تقدم لنا المناهج عبر اجتماعات بالمجان وبات الأمر أفضل، وأتمنى أن أحصل على الشهادة الإعدادية لأواصل الدراسة حتى تحقيق الحلم.
فاطمة ودعاء اثنتان من عشرات آلاف الطلاب في منطقة شمال غربي سوريا الذين حرموا من أبسط حقوقهم في التعليم نتيجة توقف العملية التعليمية والظروف الصعبة التي يعيشونها مع أهاليهم.