أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – DW
إنه "المايسترو"، وأحد أبرز نجوم الكرة العراقية. نشأت أكرم، نجم العراق السابق، الذي اعتزل فجأة، زار مقر DW "دويتشه فيله" في بون، فسألناه في الحوار التالي عن أوضاع الكرة العراقية واللاعبين العرب، فأجاب بصراحته المعهودة.
كان "مايسترو" منتخب العراق السابق نشأت أكرم "33 عاماً" في جولة أوروبية خاصة مع عائلته في آب/ أغسطس الجاري، وزار مدينة كولونيا، التي يحبها وله فيها أصدقاء. ودعوناه للقاء في DW "دويتشه فيله" فرحب على الفور وأجرينا معه حوارا جاء فيه:
DW عربية: عمرك الآن 33 عاما واعتزالك جاء في سن مبكر.
نشأت أكرم: كثيرون بدأوا يتساؤلون لماذا اعتزلت وتركت كرة القدم، وأنا كان لدي هاجس بأن اليوم الذي أترك فيه الكرة، أكون محافظا فيه على اسمي وسمعتي كلاعب وعلى تاريخي الذي صنعته مع المنتخب وانجازاتي الشخصية والجماعية.
واعتقد أن كل الانجازات التي يمكن أن أحققها كلاعب حققتها سواء على الصعيد الشخصي أو المنتخب، باستثناء تأهلنا إلى كأس العالم، ولذلك وصلت إلى قناعة بأنه في ذلك العمر المتأخر 32، 33 عاما مستحيل أن نتأهل إلى كأس العالم في ظل الظروف الموجودة في البلد. أنت تنتمي إلى جيل حقق الفوز بكأس آسيا2007، وفزت أنت بلقب أفضل لاعب في البطولة.
لماذا لم يواصل هذا الجيل بعد 2007؟
"السبب" سوء التخطيط والأنانية، التي كانت موجودة آنذاك لدى أعضاء ورئاسة الاتحاد "العراقي لكرة القدم". في ذلك الوقت كان هناك غياب للتخطيط وإهمال للفريق وتغيير للكوادر التدريبية دائما. ففي السنة أو السنتين كان يدربنا "أحيانا" اثنان من المدربين. وللأسف "سوء التخطيط" ليس في الرياضة فقط وإنما لا يوجد عندنا "عموما" من يخطط حتى للبلد. وهذا هو سبب ما يحدث للبلد حتى في المجال السياسي أو "مجال" الرياضة.
كان هناك جيل شاب تألق في مونديال تركيا للشباب تحت 19 عاما في 2013، فلماذا لم يواصل التألق مع المنتخب الكبير؟
الاهتمام، الاهتمام. فأنت عندما تحتضن المنتخب وتحتضن اللاعبين وتوفر كادرا تدريبيا جيدا، "تكون النتيجة" ضخ دماء جديدة للفريق الأول. وعلينا أن نأخذ أمثلة من الدول المحيطة بالعراق، مثل الإمارات، التي خططت بشكل سليم والسعودية كذلك، وحتى الأردن، كانت حتى سنتين مضيتا واحدا من أعند الفرق الموجودة.
إقرأ: "مايويذر" يفوز بالضربة القاضية ويتوج بطلا لنزال القرن
يعني أنك ترجع انخفاض مستوى الكرة العراقية إلى مشاكل إدارية وتنظيمية وليس مثلا مشكلة نقص المواهب الجديدة؟
المواهب موجودة فنحن بلدٌ ولَّادٌ، وهناك مواهب كثيرة في كرة القدم. لكن الجيل الأخير خصوصا تنقصه ثقافة الاستمرارية. فمع وجود السوشيال ميديا خصوصا والأشياء "الأخرى" حاليا، عندما يؤدي لاعب مباراة أو اثنين مع المنتخب "بشكل جيد" يحصل على أكثر من عقد ويشتهر بسرعة؛ لكن سرعان ما يختفي، فثقافة الاستمرارية ليست موجودة هنا. أما السبب الرئيسي فهو أن القائمين على كرة القدم أو الرياضة عموما لا يمتون بصلة للرياضة أصلا. هناك أناس موجودون يحبون الأنا والأنانية.
هل مشكلة المدرب من أسباب تراجع المنتخب العراقي؟
المشكلة أكبر من مشكلة المدرب. فالمدرب مرجعه إلى الاتحاد والوزارة..إلخ. وبالتأكيد عندما يجد المدرب أرضا خصبة بإمكانه أن يعمل فوقها؛ فسيبدع مثلما فعل البرازيلي زيكو.
جاء زيكو فعزل المنتخب العراقي عن المشاكل وغيرها؛ فتألق المنتخب العراقي وحقق قفزة نوعية، سواء من حيث اختيار اللاعبين أو التنظيم أو غيرها من الامور. لكن سرعان ما حاربه الموجودون في الاتحاد على مستحقاته المالية.
رغم ذلك، هل هناك فرصة للكرة العراقية لتعود وتنافس عربيا وآسيويا وربما أيضا عالمياً؟
عالميا لا، أما عربيا فممكن. واعتقد أنه عندما يكون هناك تغير جذري للقائمين "على الكرة" مع وجود تخطيط لدوري قوي ومنظم يبدأ في وقت محدد وينتهي في وقت محدد إضافة إلى أمور لوجستية أخرى؛ فسيولد جيلٌ جديدٌ ينافس.
جيلنا مثلا يسميه أكثر الناس جيل 2004 أو 2007، بينما أنا أسميه جيل 2000، لأنها السنة التي حصلنا فيها على كأس آسيا للشباب ومن بعدها ولدت البطولات. والسبب هو أننا في ذلك الوقت دخلنا دورات كثيرة حتى في الاتيكيت السلوك السليم وفي كيفية تناول الطعام وليس في لعب كرة القدم فقط. وتعلمنا أشياء كثيرة حول حياة اللاعب المحترف ولذلك اعتقد أن جيلنا أكثر الأجيال، التي استمرت في اللعب.
بماذا تنصح اللاعب العربي عموما والعراقي خصوصا ليحترف ويكون ناجحا في أوروبا؟
عندما جئت إلى هنا أوروبا كان عمري 25 أو 26 عاما، وكنت أتمنى أن أجيء وعمري 19 أو 20 عاما. فالمشكلة كبيرة، فهناك اختلاف في الثقافات، فأنا مثلا كنت ألعب في الخليج والأمور مختلفة من حيث المناخ والأجواء والتدريب وأشياء كثيرة.
في أوروبا يجب أن تكون لديك ثقافة التأقلم والاستمرارية، ونحن لا نملك هذه الثقافة، وخصوصا الشارع العراقي واللاعب العراقي. نحن نرى لاعبين مثل ميسي ورونالدو بمستوى ثابت على مدى الموسم ويسجل كل واحد منهما 40 وحتى 50 هدفا في الموسم، وهذا ليس موجودا عندنا. والمسألة لا تتعلق بكرة القدم فقط وإنما بالمجتمع كافة.
فالمجتمع ينعكس في سلوك لاعب الكرة وتصرفاته. فلاعب الكرة لديه أمور لا تكون في الملعب فقط وإنما هناك أمور أخرى تنجح حياته.
إقرأ: ماذا قال "إبراهيموفيتش" عن الرقم 9 وزملائه في النادي؟
الكلام عليك أنت شخصيا، لماذا لم تحاول البقاء في أوروبا بعد تجربتك مع تفينتي أنشخيده الهولندي؟
المشكلة فينا نحن، فأنا مثلا جئت متأخرا إلى هولندا. لكنني حاولت قدر الإمكان التأقلم مع الأجواء والفريق، وتأقلمت غير أنني أصبت في منتصف الموسم وعدت للعب وأصبت مرة أخرى فأحبطت نفسيا. ولم أكن آنذاك بنفس مستوى النضج، الذي أنا عليه الآن. وفي ذلك الوقت كانت هناك فرص سانحة أكثر للعودة للعب في الخليج بالقرب من أصدقائي والمجتمع الذي أنتمني إليه ولذلك قررت العودة.
ولهذا فأنا أهنئ اللاعبين المصريين صلاح والنني، فهما الآن مثال يحتذى به من قبل الناس واللاعبين الشباب، في كيفية تأقلمهما ودخولهما المجتمعات سواء في الدوري الإنجليزي أو الإيطالي أو غيرهما.
الأوضاع الأمنية في العراق حاليا تتحسن، فما تأثير ذلك على الكرة العراقية؟
عفواً، الوضع كان "أسوأ" لكننا كنا نمارس كرة القدم. وإن شاء الله يصبح الوضع أفضل وأفضل. وما نتمناه هو وجود حكومة قوية أكثر حتى تهيمن وتسيطر على كل مفاصل ومؤسسات الدولة لكي يعمل العراق كبلد، كمنظومة واحدة، ويكون الاتحاد العراقي لكرة القدم تابعا للدولة وليس تابعا لنفسه.
إقرأ أيضا: إبراهيموفيتش يعود للشياطين الحمر