أحمد الشرع: من المستحيل بناء الدولة بالفصائل

بعد أن أكد قائد الإدارة العسكرية في سوريا أحمد الشرع على حل الفصائل المسلحة ودمجها في الجيش،، أعاد التأكيد مجددا على هذه الخطوة وبين أن بناء سوريا لا يمكن أن يكون من خلال الفصائل المسلحة.

الشرع أكد  في مقابلة صحافية إنه من المستحيل بناء الدولة بالفصائل.

كما شدد على وجوب الابتعاد عن الثأر وعقلية الثورة خلال مسيرة الحكم الجديد وبناء مؤسسات الدولة. مؤكدا على أن عقل الثأر والثورة لا يبني الدولة، إنما يصلح لإزالة حكم وليس بناء حكم. ورأى أن عقلية الثورة تتميز بالهيجان وردود الأفعال.

كذلك اعتبر الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني أنه استرجع الدولة برمتها من نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وأعاد موقع البلاد الاستراتيجي والدولي.

إلى ذلك، لفت إلى وجوب أن تبني المؤسسات هيكلية الدولة من الرئاسة إلى البرلمان والحكومة.

كما اعتبر أن البلاد اليوم في مرحلة إعادة بناء القانون، مشددا على أن “مؤتمر الحوار الوطني” سيكون جامعا لكل مكونات المجتمع، وسيشكل لجانا متخصصة وسيشهد تصويتاً أيضاً.

أحمد الشرع يؤكد على ضرورة حل الفصائل المسلحة.. ولكن هل يستطيع؟

هل يستطيع الشرع حل الفصائل المسلحة؟

نجاح أحمد الشرع في حل الفصائل المسلحة يعتمد على عدة عوامل رئيسية:

أهمها قبول الفصائل المسلحة حل نفسها: في حال إذا لم تكن الفصائل مستعدة للتخلي عن استقلالها العسكري ومصالحها الاقتصادية والسياسية، فإن عملية الحل ستواجه عوائق كبيرة. خاصة تلك الفصائل، المدعومة من الخارج، لن تقبل بسهولة في تسليم سلاحها دون ضمانات قوية.

 دعم القوى الإقليمية والدولية

بعض الفصائل المسلحة تتلقى دعمًا مباشرًا من دول إقليمية ونجاح الشرع يتطلب تفاهمات إقليمية ودولية لضمان وقف هذا الدعم، وهو أمر معقد ويحتاج إلى جهود دبلوماسية كبيرة.

ضمانات سياسية وعسكرية

الشرع بحاجة لتقديم ضمانات حقيقية لهذه الفصائل، مثل دمجها في الجيش أو تقديم مخرج سياسي آمن، فقد يتمكن من تحقيق بعض التقدم.

ولكن هل سينجح؟

في المدى القصير: يبدو الأمر صعبًا جدًا لأن هناك انقسامات عميقة ومصالح متضاربة.

في المدى الطويل: إذا حصل على دعم دولي وداخلي قوي، فربما ينجح في دمج بعض الفصائل، لكنه لن يتمكن من حلها بالكامل دون تسوية سياسية شاملة.

أحمد الشرع يؤكد على ضرورة حل الفصائل المسلحة.. ولكن هل يستطيع؟

الصراع داخل هيئة تحرير الشام

شهدت “هيئة تحرير الشام” سلسلة من الخلافات الداخلية المرتبطة بما يُعرف بـ”قضية العملاء”. بدأت هذه القضية في منتصف عام 2023 عندما قامت الأجهزة الأمنية للهيئة باعتقال المئات من عناصرها وقياداتها، خاصة من الجناح العسكري، بتهمة التعاون مع جهات خارجية، بما في ذلك التحالف الدولي.

تفاصيل القضية:
الاعتقالات والتعذيب: أفادت تقارير بأن الهيئة اعتقلت أكثر من 400 من أعضائها ومسؤوليها خلال ستة أشهر، متهمةً إياهم بالعمالة، تعرض العديد من هؤلاء المعتقلين للتعذيب أثناء التحقيقات، مما أدى إلى وفاة بعضهم تحت التعذيب، وأدت هذه الاعتقالات إلى تصاعد التوترات داخل الهيئة، حيث أعلن قادة ألوية في الجناح العسكري تعليق عملهم احتجاجًا على التعذيب الذي تعرضوا له في سجون “جهاز الأمن العام” التابع للهيئة، وفي أبريل 2024، أقرت الهيئة ببراءة أحد المعتقلين الذي توفي تحت التعذيب، ودفعت دية لأهله، مما أثار تساؤلات حول مصداقية التحقيقات وشرعية الاعتقالات.

تداعيات القضية
تسببت قضية العملاء بانقسامات داخلية حيث أدت هذه الأحداث إلى تعميق الانقسامات داخل الهيئة بين الجناح العسكري والقيادة الأمنية، مما أثر سلبًا على تماسكها الداخلي.

وتسببت أيضا بسخط شعبي عقب احتجاجات في مناطق سيطرة الهيئة، حيث خرج المدنيون للتظاهر ضد ممارساتها القمعية، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن التعذيب والاعتقالات التعسفية خاصة بعد تعرض القيادي في الهيئة أبو ماريا القحطاني لعملية اغتيال عقب خروجه من سجن الهيئة بأيام.

مقتل القحطاني

في ١٤ آب/ أغسطس ٢٠٢٣، أوقف الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام أبو ماريا القحطاني، بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي، وذلك عقب إلقاء القبض على خلية اعترفت بتورطه.

التهمة المعلنة للقحطاني لم تكن السبب الحقيقي الذي دفع هيئة تحرير الشام لاعتقاله، إنما المخاوف من تحركاته من دون تنسيق مع قيادة الهيئة، والتي سبَّبت قلقًا لقيادات متنفذة مثل نائب القائد العام “أبو أحمد حدود”، وقيادي آخر متنفذ يدعى “المغيرة البدوي” وهو ابن حماه لأبي محمد الجولاني زعيم الهيئة.

عمل “القحطاني” على تكثيف التواصل مع قيادات ضمن الجيش الوطني السوري، وقادة سابقين في “حركة أحرار الشام”، وجميع الأطراف الناقمة على الهيئة، وحاول إقناعهم في فتح صفحة جديدة والتنسيق المشترك.

واتَّصل القحطاني مع ناشطِين سياسيين مناهضِين للهيئة، واعدًا إياهم بعملية إصلاحية، لكن القيادات المتنفذة الرافضة لهذه الخطوات حرَّضت “الجولاني” وأقنعته بأن ما يفعله “القحطاني” من أجل مصالحه الخاصة، وبهدف زيادة نفوذه في الشمال السوري، موضحين له أن لديهم معلومات أمنية تفيد بنيته التحضير لـ”انقلاب”.

وبعد عملية الاعتقال، دخلت بعض القيادات وعلى رأسهم القاضي في الهيئة مظهر الويس، من أجل إقناع القيادة العامة بإطلاق سراح “القحطاني” واستجابت جزئيًّا؛ حيث وافقت على إحالته إلى الإقامة الجبرية والحد من تنقلاته وحركته، لكنها مصرة على محاكمته بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي والتخطيط لاستهداف قيادة الهيئة، بالإضافة إلى قضايا إدارية ومالية أخرى.

في السابع من آذار 2024، أعلنت هيئة تحرير الشام براءة أبو ماريا القحطاني من التهم الموجَّهة له وإطلاق سراحه، بعد ٢٠٥ أيام من اعتقاله، لتنتهي بذلك قضية العمالة التي وجهت له.

وفي حدث مفاجئ وكبير من نوعه، أعلن مساء الخميس ٥ نيسان/ أبريل، عن مقتل “ميسّر بن علي الجبوري الملقَّب بـ”أبي ماريا القحطاني”، وإصابة كل من مرافقه الخاص، ويوسف الهجر، مسؤول المكتب السياسي لهيئة تحرير الشام، باستهداف مكان تواجدهم بريف إدلب الشمالي.